عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية
صفحة 1 من اصل 1
عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية
بسم الله الرحمن الرحيم
عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية
تتضمن الأعراس القسنطينية عادات و تقاليد متميزة جدا و ذات نكهة خاصة بمزيج من الأفراح النابعة عن الأصالة و ما يتطلبه الحاضر ، و يمكن أن تمر بالمراحل التالية :
1/ الطلب و القبول
إذا أعجب شاب بفتاة و رأى فيها ما يسره لقوله صلى الله عليه و سلم (تنكح المرأة لأربع ، لجمالها و مالها و حسبها و دينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) و كانت له نية الإرتباط بها على سنة الله و رسوله فعليه أن يسأل عنها فيما إذا كانت مخطوبة أم لا ، و عن إسمها ، فان لم تكن مخطوبة أخبر والديه برا بهما و إكبارا لهما عن نيته في الزواج ليبارك الله له زواجه ، ثم قصد أباها ، و ربما فوض الأمر لوالده ، و ربما ذهب برفقته و هو الأفضل حتى تكون نظرة أبيها أوضح عن الفرع و الأصل ، ليدخل والد الشاب في الموضوع مباشرة و يخبر والد الفتاة أنهما قصداه طلبا إبنته فلانة للزواج بابنه فلان الحاضر معهما ، عندئذ يسال والد الفتاة عن أخلاق الشاب و سيرته و فيما إذا كان يشتغل أم لا حرصا منه على مستقبل إبنته ، فإن كان الشاب متخلقا و يشتغل قبل والد الفتاة عملا بحديث النبي صلى الله عليه و سلم (إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد كبير) ، في حين تبقى الكلمة الأخيرة لصاحبة الشأن أي الفتاة ، لأنه في عقد الزواج لابد من توفر ركن جوهري ألا و هو الرضا ، لينفض المجلس المبارك و يذهب كل لشأنه ، و لدى رجوع والد الفتاة إلى البيت فاتح أهله (زوجته) بالموضوع و أخبرها بأن هناك شابا جاء رفقة أبيه طلبا البنت للزواج و أنه رأى منهما ما يجعله راضيا عن الزواج من الأدب و حسن الخلق و الاحترام ، لتخبر الزوجة إبنتها بالموضوع منتظرة ردها بعد التفكير، إذ على الأرجح أنها عرفت هذا الشاب طالما رآها و أعجب بها ، فان لم تكن قد عرفته فلا بأس أن يتم إعداد لقاء بينهما تحت حرمة أبيها ، و في كلا الحالتين إن قبلت أخبرت أمها فتخبر الأم زوجها ليرد الزوج على من قصداه ، و بعد الاستبشار برد الفتاة يسأل والد الشاب والد الفتاة عن الشرط فيخبره بذلك مراعيا في ذلك حديث النبي صلى الله عليه و سلم (أعظم الزواج بركة أيسرهم مهرا) ، مع العلم أن الشرط يضم المهر و شيء من الحلي للحناء و العشاء ، و بعد الاتفاق بشان الشرط يتم الاتفاق حول موعد الخطبة.
2/ الخطبة
تقوم أم الشاب بدعوة الأقارب المقربين (العمات و الخالات و زوجات الأعمام و الأخوال و .... ، و بعض الرجال من الأقارب كالأعمام و الأخوال و ....) مسبقا من أجل حضور مراسيم خطبة إبنها في اليوم المتفق عليه ، و بحلول ذلك اليوم تكون الأم قد حضرت وليمة الغذاء للمدعوين بمساعدة بناتها أو من طلبت الأم حضوره مسبقا من الأقارب المقربين ، و تضم وليمة الغذاء عرفا (المقبلات ، الغرايف ، الجاري ، طاجين الشواء و التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) أين يأتي الشاب مرتديا لباسا رسميا مرحبا بالحاضرين ، ثم يتناول وجبة الغذاء مع الرجال ، و لدى انتهاء الجميع من تناول الغذاء ينطلقون على بركة الله إلى بيت الفتاة و يتقدمهم الشاب و والداه حاملين معهم خاتم الخطوبة و باقة من الورد و قالب من الحلوى معد خصيصا للخطبة ، و النساء من خلفهم يزغردن و الأفراح تغمر الجميع ، و عند وصولهم يستقبلهم أهل الفتاة بكل رحابة و تقدير، و يجلسون في غرفة الاستقبال فرحين مسرورين مع الأقارب المقربين لأهل الفتاة ، فيجلس الرجال في غرفة معدة للرجال متأنقين يتجاذبون أطراف الحديث ، و النساء في غرفة معدة للنساء لابسات أحلى الفساتين الساترة و الحلي فمنهن من تتجاذب أطراف الحديث و منهن من أطربها الغناء ففضلت الرقص ، ثم تأتي الفتاة مع قريباتها مرتدية فستانا جميلا عفا واضعة خمارا على رأسها اعتزازا بدينها و شرفها ، فتجلس في المكان المعد لها ، ثم ينادى على الشاب الجالس مع الرجال ليجلس بالمكان المعد له بالقرب منها ، ثم يقوم بإلباسها الخاتم تحت وقع الزغاريد و الأفراح ، و بعد ذلك يقومان معا و بسكين واحدة بقطع الحلوى إلى نصفين ، فيأخذ كل واحد منهما من كل نصف قطعة بحجم ملعقة صغيرة و يطعمها للآخر تحت وابل من الزغاريد ، ثم يؤتى إليهما بكاسين من العصير ، فيشرب كل منهما الآخر جرعة منه و الزغاريد تكاد لا تنقطع ، فيجلس الجميع ليلتقطوا صورا تذكارية مع الخطيبين ، و يهنئوهما و يباركون لهما ، ثم يرجع الخاطب ليجلس مع الرجال ، فيشربوا القهوة جميعا في جو بهيج من الغناء و الفرح و غيرها من مظاهر البهجة و السرور ، و بعد شرب القهوة و التعارف أكثر تتفق أم الخاطب مع أم المخطوبة بشأن موعد الدخول من أجل التحضير للعرس ، و بعد ذلك يغادر الخاطب و أهله و أقاربه و معهم نصيب من قالب الحلوى ليحتفلون في بيتهم مع الأحباب بين غناء و رقص.
3/ تسليم المهر
خلال البضع أيام التالية للخطبة يتقدم والد الخاطب إلى والد المخطوبة بعلبة حلوى و مبلغ المهر المتفق عليه ، و هو ما يسمى بمقدم الصداق ، أي قبل الدخول ، و ذلك لتجهز الفتاة نفسها بشرائها حاجياتها و أمتعتها و ألبستها و مستلزماتها و مستلزمات بيت الزوجية من أثاث محدد عرفا.
4/ العيدين
ا/عيد الفطر
إذا كان ما بين موعد الخطبة و الدخول عيد الفطر المبارك فان العادات القسنطينية تملي على الخاطب أن يأتي في اليوم الثاني من العيد بعد الغذاء رفقة والديه و أخواته إلى بيت خطيبته حاملا إليها الهدايا و هي حلي (عقد أو قرطين أو خاتم) إذا أمكن ، صينية بقلاوة ، فستان ، فستان داخلي ، حذاء ، حقيبة ، قارورة عطر ، صابون عطر ، شمبو ، فيشربوا القهوة ، و يتجاذبوا أطراف الحديث ، ثم يغادروا و معهم نصيب من صينية البقلاوة و الحلويات التي أعدتها الفتاة بنفسها.
ب/ عيد الأضحى
و كذلك الحال بالنسبة لعيد الأضحى المبارك ، غير أنه بدلا من صينية بقلاوة يأخذ الخاطب فخذا من الخروف الذي ضحت به عائلته ، كما أنه قبل شرب القهوة يتناولوا الشواء في وجبة الغداء ، و بعد شرب القهوة و الحديث يغادروا.
5/ الجرية
هي عبارة عن هدية تقدم من طرف الخاطب لخطيبته ، و ينوب عنه في تقديمها أهله من النساء و قريباته لابسات القطيفة و الحلي في جو بهيج بالغناء و الرقص و غيرها من مظاهر الفرح و السعادة ، حيث تحضرها قريباتها لابسات القطيفة و الحلي ، كما أن الخطيبة أيضا تلبس القطيفة و تضع على رأسها الدراية و ما يتبعها من الحلي ، و تتضمن الجرية عرفا شموع ، حنة ، تبديلتين بجميع لوازمها من الرأس إلى الرجلين بحيث يكون ثوب أبيض و آخر وردي أو أزرق فاتح بالإضافة إلى لوازم الحمام من منشفات و حذاء و ... ، بالإضافة إلى صينية بقلاوة و صندوق من تمر الدقلة و المقشقشة هذا بالإضافة إلى الحلي (عقد ، سوار ، قرطين ، خاتم ، ... حسب المستطاع) ، أما مراسيم الجرية فتكون مثل مراسيم حناء العروس التي سنتطرق إليها لاحقا ، و تجدر الإشارة إلى أن الجرية ليس لها وقت محدد فقد تكون قبل العيدين ، و قد تكون بعدهما ، و قد تكون قبل العقود و الفاتحة ، و قد تكون بعدهما ، المهم تكون بعد الخطبة و قبل الحناء.
6/ العقود
قبل موعد الدخول بمدة محددة يذهب الخطيبان رفقة أهليهما و بعض من أقاربهما المقربين إلى مصلحة الحالة المدنية ، بحيث يكون الخطيب مرتديا لباسا رسميا و الخطيبة مرتدية ثوبا جميلا عفا فاتح اللون مع حقيبة و حذاء فاتحي اللون أيضا (ابيض أو باج المهم متناسقين) من أجل تسجيل الزواج في عقد رسمي ، و ذلك بحضور شاهدين على الزواج ، و بعد المناداة على الخطيبين و على الأبوين و الشاهدين و ما أن يشرع الخطيبان في التوقيع على الوثيقة المقدمة من مصلحة الحالة المدنية حتى تنطلق الزغاريد و البشرى بزوج جديد ، ثم يسلم أهل الزوج لأهل زوجته علبة من الحلوى و باقة من الورد ، و بعدها تلتقط صور تذكارية لهما مع الأهل و الأقارب بمناسبة العقود.
7/ الفاتحة
بعد الحصول على الدفتر العائلي يتفق الزوجان و أهليهما عن موعد الفاتحة ، حيث يأتي الزوج مرتديا لباسا رسميا رفقة أهله و أقرباؤه من الرجال ، و كذلك أهل الزوجة و أقرباؤها من الرجال إلى المسجد المزمع إجراء الفاتحة به ، فيتولى ممثل عن أهل الزوج و ممثل عن أهل الزوجة الإشراف على الحلوى و المشروبات التي جاء بها الزوج كباروك ، فتوضع في عتبة المسجد ، أما البقية فيدخلون المسجد لأداء صلاة تحية المسجد ، و من ثم الإنصات إلى الإمام الذي يتولى إلقاء مقدمة عن فضل الزواج و مقاصده ثم يقوم بقراءة الفاتحة و الدعاء للزوجين بالسعادة و الهناء بعد إيجاب و قبول من والديهما ، و بعدها يخرج الجميع لتناول الحلوى و شرب العصير ، و يأخذ الإمام حصته ، و ما بقي يقتسم بين أهل الزوج و أهل الزوجة ليحتفل كل في بيته مع الأحباب ، كما يقوم الأهل بالبيت بإعداد الغرايف لتتعالى أصوات الزغاريد لدى رجوع الرجال من المسجد.
8/ الشورة
إن المهر الذي تأخذه الفتاة عقب خطبتها تقوم بشراء حاجياتها و أمتعتها و ألبستها و مستلزماتها و ما يلزم بيت الزوجية كما سلف الذكر ، غير أنه في كثير من الأحيان ما يكون هذا المهر غير كاف ، الأمر الذي يجعل والد الخطيبة يتدخل فيزيدها المال تكملة لما ينقصها ، و إن كان أبوها لا يملك المال فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها فكل حسب مستطاعه ، إن هذه الحاجيات و الأمتعة و الألبسة و المستلزمات هي ما يسمى بالشورة ، و تضم عرفا مجموعة من الفساتين و الأثواب و الأثواب الداخلية و الأحذية و غيرها من الملبوسات ، بالإضافة إلى لوازم الزينة كالكحل و احمر الشفاه و العطور و الصابون و غيرها ، بالإضافة إلى مستلزمات بيت الزوجية كالمضربة و مطرحين و ست وسادات و الأغطية و الافرشة و الستائر و الأواني النحاسية ، بالإضافة إلى الحلي حسب مستطاعها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، حيث يفترض أن تكون الزوجة قد أنهت التسوق قبل موعد الدخول ، ليأتي أهل الزوج قبل الدخول ببضعة أيام من أجل نقل هذه الشورة من بيت والد الزوجة إلى بيت الزوجية ، و يساعدهم في ذلك أهل الزوجة تحت الزغاريد و الأفراح ، و عند الإنتهاء من وضع الشورة في الشاحنة يقوم أهل الزوجة بدعوة أهل الزوج لشرب القهوة ، فيشربوا القهوة ، و بعد ذلك و لدى الانتقال إلى بيت الزوجية يأتي والد الزوجة و بعض أهلها و أقاربها من الرجال كالأخ و العم و الخال للمساعدة في نقل الشورة إلى مكانها ، كما تأتي بعض النساء من أهلها و أقاربها كالأخت و العمة و الخالة ليتولين تنظيم و توضيب الشورة في مكانها المحدد ، و عند وصولهم تخرج النساء من أهل الزوج كالأم و العمة و الخالة لاستقبالهم ، و بعد وضع الشورة في مكانها و تنظيمها و توضيبها تحت الزغاريد و الأفراح يشرب الجميع القهوة ، الرجال مع الرجال و النساء مع النساء ، ثم يغادر أهل الزوجة و أقاربها بعد أن يتفقوا عن يوم استلام العشاء.
9/ العشاء
يأتي بعض أهل الزوج من الرجال في اليوم المتفق عليه و معهم نعجة تملأ العين و كيس من الطحين و السمن ، و يقوموا بتسليمها لأهل الزوجة ، ليقوم هؤلاء بدعوتهم لشرب القهوة فيشربوا القهوة ثم يغادروا ، ليشرع بعد ذلك أهل الزوجة في ذبح النعجة و إعداد وليمة العشاء للأحباب المدعوين من أهل الزوجة الذين يأتون فرحين مباركين حاملين معهم الهدايا و أحلى الأماني و أعذب التهاني ، و يضم العشاء عرفا (المقبلات ، الجاري ، طاجين لحلو ، الشخشوخة القسنطينية ، و طاجين الشواء ، أما التحلية فتضم عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) ، فيسهر الجميع فرحين مسرورين بين غناء و رقص حتى ساعة متأخرة من الليل ، و عند الصباح نكون أمام يوم الحناء.
10/ الحناء
ا/حناء العروس
يوم الحناء هو اليوم الذي يسبق يوم العرس ، حيث تقوم أم العريس بدعوة الأقارب المقربين قبل العرس ببضعة أيام من أجل المساعدة في صنع الحلويات و غير ذلك من التحضيرات ، و بحلول يوم الحناء يذهب والدا العريس مع بضع من النساء اللائي جئن للمساعدة لابسات القطيفة و الحلي ، حاملين صينية بقلاوة أو سلة مملوءة بالمقشقشة و شمعيين و صينية معدة للحناء و الحناء و مرش و كروانة نحاسية صغيرة و معهم حقيبة بها ما اتفقا عليه مسبقا من الحلي (سوار أو عقد أو قرطين ...حسب المستطاع) متجهين إلى بيت العروس ، أين يتم استقبالهم بكل رحابة و تقدير ، فتدخل النساء إلى غرفة الاستقبال حيث تجلس المدعوات من قريبات العروس لابسات القطيفة و الزغاريد تملئ الغرفة ، و أجواء الفرحة و السرور تعم أرجاء البيت العامر الحافل بالغناء و الرقص ، و بعدما يجلس الجميع تأتي العروس و كأنها إحدى الحور الحسان في فراديس الجنان ، لابسة القطيفة في أبها طلعتها مرصعة بمختلف الحلي ، و حولها قريباتها حاملات شموع طويلة مضاءة ، فتجلس العروس في المكان المعد لها و تجلس بالقرب منها أمها أو عمتها أو خالتها و من تحني لها (أم العريس أو من تختارها لذلك عمته أو خالته أو ...) ، فتقوم هذه الأخيرة بتحضير الحنة فتبللها و تحضرها جيدا بالحليب المحلى بقطعتين من السكر و ترشها بقليل من ماء الزهر و تضيف إليها القليل من حلوة الدراجي أو التمر ، لتقوم بعد ذلك بوضع الحناء في يد العروس اليمنى على شكل قرص صغير ثم تغطيها بالقماش المخصص لذلك ثم بقفاز الحناء ، و كذلك الشأن بالنسبة لليد اليسرى و كل ذلك تحت وقع هائل من الزغاريد و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم قائلات :
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة جابوها الرجال
تحني بيها بنتنا صبيعات الغزال
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة جابوها العربان
تحني بيها بنتنا صبيعات المرجان
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة في صحن ذهبي
تحني بيها بنتنا في حمى ربي
و بعد الإنتهاء من وضع الحناء تعطي أم العريس الهدية الذهبية المتفق عليها من قبل (عقد أو سوار أو قرطين أو خاتم أو ...) ، كما أن قريبات العريس يقمن بإعطاء العروس أوراق مالية ، و كذلك الشأن بالنسبة لقريبات العروس ، و هو ما يسمى عرفا بالرشق ، هذا دون أن ننسى أن أم العروس أيضا تهدي إبنتها عقب حنائها شيئا من الحلي حسب مستطاعها إكراما لابنتها ، فان لم تكن تملك فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، و بعد ذلك توضع القهوة للمدعوين مرفقة بمرشات الورد أو الزهر مع أصناف مختلفة من الحلويات مثل البقلاوة أو القطايف و المقرود و الغريبية و ... ، و بعد الإنتهاء من شرب القهوة يغادر من جاءوا للحناء و معهم غداء أو عشاء العروس ، يسلمه لهم أهل العروس من أجل إعداده من طرف أهل العريس كوليمة ليوم الزفاف (في الغد) ، و يضم الدجاج و اللحم المفروم و الخبز.
ب/حناء العريس
و طبقا لعادات و تقاليد الأعراس القسنطينية فإن الزوج أيضا معني بالحناء ، حيث بعد رجوع والدي العريس و الأقارب من بيت العروس مساءا يكون الأقارب المدعوون من أجل المساعدة على وشك الانتهاء من إعداد وليمة العشاء ، كما يكون المدعوون لحضور حناء العريس قد وصلوا فرحين مستبشرين و مباركين ، فيجلس الرجال مع بعضهم يتجاذبون أطراف الحديث ، و النساء مشغولات بالرقص و الغناء و الفرح ، إلى أن يحين وقت العشاء ، و بعد الإنتهاء من تناول العشاء الذي يضم عرفا (المقبلات ، الجاري ، الشخشوخة القسنطينية ، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) يأتي العريس مرتديا لباسا رسميا رفقة أصدقائه و أقاربه ، فيجلس في المكان المعد له ، لتقوم أمه أو من تختارها من الأقارب لذلك بوضع الحناء على رأس سبابته اليمنى تحت وابل من الزغاريد و الأفراح ، فيتلقى أحلى التهاني و أخلص الأمنيات و الدعاء بالخير و البركات من الأحباب ، و يقوموا بإعطائه الرشق ، و يلتقط الجميع صور تذكارية معه ، ثم يخلد هو للنوم في غرفته ليأخذ قسطا من الراحة إستعدادا لليوم الموالي و هو يوم سعده ، في حين يسهر الأهل و الأقارب و الأحباب فرحين مسرورين بين غناء و رقص حتى ساعة متأخرة من الليل ، و كذلك الحال في بيت العروس ، حيث تكون ليلة متميزة بمختلف مظاهر البهجة و الأفراح ، لأنها آخر ليلة تقضيها في بيت أبيها بصفتها بنتا مدللة.
11/ العرس
اليوم الموالي ليوم الحناء هو يوم العرس أي يوم الدخول ، حيث يعد أهل الزوج وليمة غذاء أو عشاء ، و لنفترض انه غذاء و الذي يضم عادة (المقبلات ، جاري ، طاجين الشواء ، رشته أو نعمة أو الرفيس و اللبن ، شباح الصفرة أو طاجين العين ، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) كل حسب رغبته ، بالإضافة إلى القهوة و التي تضم القهوة و المشروبات و مختلف أنواع الحلويات و التي من بينها (المقرود ، البقلاوة ، الغريبية و...) ، يتوافد الأقارب و الأحباب الذين تم دعوتهم مسبقا ليحضروا أنفسهم فرحين مباركين حاملين معهم الهدايا و أحلى الأماني و أعذب التهاني ، فتجلس النساء مع النساء يصفقن و يغنين و يرقصن فرحا و سرورا مع أهل العريس ، و الرجال مع الرجال متأنقين يتحدثون و يمرحون ، و بعد الانتهاء من تجهيز ركب السيارات تتقدمهم سيارة العروسين المرصعة بالورود و الأزهار التي يركبها العريس ، بينما يركب في السيارات الأخرى بضع نساء من أهله و أقاربه لابسات القطيفة و الحلي ، فينطلقوا على بركة الله متجهين إلى بيت العروس من أجل إحضارها إلى بيتها الجديد ، بعدما تكون قد ذهبت عند الحلاقة و حضرت نفسها و ارتدت ثوب الزفاف الأبيض المحتشم ، فيصلون إلى بيتها ، فينزل العريس و من معه من النساء ليمكثوا هناك قليلا و يلتقطوا صورا تذكارية للعروسين تحت الزغاريد و البشائر و الأفراح ثم يخرجان و هي ممسكة به ، و تحمل بنت من أهله و بنت من أهلها ذيل ثوب العروس و في يد كل منهما شمعا مضاء تحت الزغاريد و الأفراح ، فيركب العروسان في السيارة المعدة لهما ، كما يركب أبوها بجانب السائق ، و يركب الأقارب و الأحباب جميعا من أهله و من أهلها في السيارات الأخرى ، و يرجع الركب في فرح و سرور ، فالسيارات بأضوائها الغمازة و أحلى رناتها و الأغاني تطرب من بداخلها و الكل يصفق و يغني فرحا مع العروسين إلى غاية وصولهم إلى بيت العريس ، فينزل أهل العروس و أقرباؤها حاملين معهم صينية بقلاوة و يحضون باستقبال بهيج ، كما ينزل العريس من السيارة و يفتح الباب جهة العروس لتنزل و تمسك به تحت دوي البارود و الزغاريد و الأفراح ، و عند دخولهما تخرج أم العريس و قريباته لاستقبال العروسين بأحلى الأغاني و الأماني و رميا بأوراق الورد و الزينة ، ثم يوصل العريس عروسه و خلفها البنتين و الشمعيان مضاءان إلى حيث تجلس النساء في مكان معد لهما بغرفة الاستقبال ، حيث يتم التقاط الصور لهما ، و يتلقيا أحلى الأماني و أعذب التهاني ، بعد ذلك يتناول الجميع وليمة الغذاء ، فان انتهوا عادوا إلى الرقص و الغناء و التصفيق و الزغاريد إلى أن يحين موعد القهوة ، فيشربوا القهوة جميعا ، بعد ذلك يجهز العروسان نفسيهما للذهاب في رحلة (شهر العسل) ، حيث تدوم هذه الرحلة مدة أسبوع كامل ، و بعد مغادرة العروسين يبدأ الجميع بالمغادرة بعد الرشق لام العريس (لمن لم يقدم هدية و لم يرشق في الحناء) بعد الدعاء بالخير و البركة.
12/ شهر العسل
تعتبر رحلة شهر العسل بمثابة فرصة لأخذ قسط من الراحة بعيدا عن أتعاب العرس ، كما تعتبر فرصة للتعارف أكثر و التناغم و الإنسجام ، حيث يذهب العروسان للإقامة بأحد الفنادق الفخمة في مدينة سياحية آمنة ، فتكون فرصة لهما لزيارة المناطق السياحية و المناظر الجميلة و الأماكن الخلابة و التقاط صور تذكارية بها ، كما تكون فرصة للذهاب إلى المطاعم الفاخرة و التسوق و شراء بعض الهدايا التذكارية للأهل و الأحباب ، هذا دون أن ننسى ما أحله الله لهما في غرفة النوم و غيرها من الأجواء الرومانسية في حالة طهر العروس.
13/ السابع
قبل عودة العروسين من رحلتهما تقوم أم العريس بدعوة الأقارب المقربين و أهل العروس للحضور يوم عودتهما ، كما تدعو أيضا من الأقارب المقربين من يحضر قبل عودة العروسين بيوم من أجل المساعدة في تحضير بعض الأطباق لتقديمها كوليمة غذاء للمدعوين ، و هذه الأطباق محددة وفقا لعادات و تقاليد الأعراس القسنطينية و التي تضم (المقبلات ، الغرايف ، الشرشم ، الجاري ، الرفيس و اللبن ، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) ، يدخل العروسان تحت الزغاريد و الأفراح ، ليتلقيا أحلى تهاني و أماني الأقارب و الأحباب ، ثم يرتاحا قليلا في غرفة الاستقبال ، و يتناولوا جميعا وجبة الغذاء النساء مع النساء و الرجال مع الرجال ، ثم يشربوا القهوة ، ثم يغادر الضيوف ، و عندئذ تصبح العروس فردا من أفراد عائلة زوجها ، و كل يوم تطلع عليهم بواحد من فساتينها السبع التي اشترتها ضمن شورتها ، بحيث تختلف هذه الفساتين عن بعضها لونا و تطريزا (أبيض ،وردي ،تبني ،فضي ،فريكي ،طرطري ،بطاطي أو ...) و ذلك مدة سبع أيام وفقا لما تقتضيه عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية.
14/ العيدين
ا/ عيد الفطر
يأتي أهل الزوجة في اليوم الثاني من أول عيد فطر مبارك يمر على ابنتهم في بيت الزوجية بعد الغذاء حاملين إليها أصنافا من الحلويات و الهدايا إكراما لها ، و تضم الهدايا عرفا حلي (عقد ، قرطين ، خاتم) إذا أمكن ، فستان ، فستان داخلي ، حقيبة ، حذاء ، عطر ، صابون ، فيشربوا القهوة و يتجاذبوا أطراف الحديث ثم يغادروا.
ب/ عيد الأضحى
و كذلك الحال بالنسبة لعيد الأضحى المبارك ، غير أنه بدلا من الحلويات يأخذ أهل الزوجة فخذا من الخروف الذي ضحوا به ، كما أنه قبل شرب القهوة يتناولوا الشواء في وجبة الغداء ، و بعد شرب القهوة و تجاذب أطراف الحديث يغادروا.
15/ الاستضافة
يقوم الأقارب من أهل العروسين العمة ، الخالة ، زوجة العم ، زوجة الخال ، بإعداد وليمة غذاء أو عشاء و استضافة العروسين بصفتهما زوجا جديدا (بحضور أهل العريس) إكراما لهما ، كما تعتبر فرصة لتعارف الزوج بأقارب زوجته و تعارف الزوجة بأقارب زوجها من أجل تقوية الروابط الأسرية ، و بعد التعارف و تناول الغذاء أو العشاء و تجاذب أطراف الحديث و عند مغادرة الضيفين يقدم لهما المستضيفون هدايا فخرية كالعطر و الصابون و ...
ملاحظات هامة
1/ لقد تحدثنا عن العرس في حالة ما إذا فضل العروسان الذهاب في رحلة (شهر العسل) ، أما إذا فضلا البقاء فالأفضل تحضير وليمة عشاء بدلا من وليمة الغذاء من أجل السهرة ، مع العلم أن بعض الأطباق تختلف من الغذاء إلى العشاء و خاصة منها ما يثقل المعدة مثل الرفيس و اللبن ، و في هذه الحالة فان مراسيم العرس تتغير قليلا و لكن بدءا من حناء العريس فقط ، حيث أنه في حالة عدم الذهاب في رحلة فان العريس لا يحني إلا بعد حضور العروس ، حيث يتم إحضارها وفقا للمراسيم السابقة و يستقبلونها كما تقدم ، ثم يشربوا القهوة و بعد مختلف مظاهر الفرح و السرور يحين موعد العشاء ، فيتناول الجميع وليمة العشاء و في السهرة ينادى على العريس للحناء ، فيحني كما أشرنا سابقا ، ثم يخرج مع أصحابه و أقاربه في ركب السيارات يتجولون فرحين في مختلف أرجاء مدينة قسنطينة ، بينما السهرة مستمرة في بيته على وقع الغناء القسنطيني و الرقص و التصفيق و الزغاريد ، في حين تذهب العروس بثوب الزفاف الأبيض رفقة أمها إلى غرفة النوم من أجل الدعم النفسي ، و لدى عودة العريس إلى البيت يسهر معهم في ذلك الجو البهيج و من ثم يذهب رفقة واحد من أقاربه ليوصله إلى باب غرفة النوم ، (ربما من أجل الدعم النفسي أيضا إن كان العريس خجولا) ، فيدخل العريس على بركة الله و يغلق الباب ، ثم يجلس بالقرب من عروسه و يرفع عن وجهها وشاح ثوب الزفاف ، ثم يقوما بما أحله الله لهما في حالة طهر العروس ، بينما تبقى السهرة مستمرة حتى ساعة متأخرة من الليل ، و في الصباح يستيقظ الأهل و الأقارب و الأحباب فيغسلوا و يتناولوا الفطور ثم يغادر الضيوف ، و تصبح العروس فردا من أفراد العائلة كما سلف الذكر و تطلع كل يوم بواحد من فساتينها السبع ، و بعد ذلك يقام السابع كما أشرت سابقا ثم العيدين ثم الاستضافة.
2/ عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية هي عبارة عن عرف مرن يمكن مخالفته حسب ظروف و إمكانيات القسنطينيين ، فمنهم من يفضل خطبة بسيطة فيذهب هو و والداه فقط ، و منهم من يفضل إجراء الفاتحة في البيت ، و منهم من يفضل إجراءها قبل العقود ، و منهم من يفضل عدم أخذ العيدين بالإتفاق مع أهل الخطيبة ، و منهم من يفضل أخذ العيدين في اليوم الثالث ، و منهم من يفضل عدم تكليف الخطيبة و أهلها عناء التسوق فلا يكترث بالشورة ، و منهم من يفضل الإستغناء عن الجرية كونها مكلفة بالإضافة إلى الحناء و العرس ، و منهم من يفضل عدم الذهاب في رحلة شهر العسل ، و منهم من يفضل تقديم وليمة غذاء بدلا من وليمة عشاء ، و منهم من يستغني عن السابع ، و هكذا ، المهم أن يكون هناك اتفاق و تراض بين الطرفين.
3/ أنصح بعدم المغالاة في المهور، لان في ذلك مشقة على الشباب و يزيد من نسبة العزوبية ، كما أنصح أولياء الشابات بجمع المعلومات الكافية عن طالبي الزواج و أن يجعلوا الدين و الأخلاق في المقام الأول ، كما أنصح من يتبع العادات و التقاليد السالف ذكرها بالعمل حسب مقدوره فمن لم يجد أن يقدم إلا خمارا أو منديلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لأنه إن كان ذلك الخمار أو المنديل أقصى ما يستطيع تقديمه فان ذلك يعني الكثير ، كما أنصح أصحاب الأعراس بعدم تبذير الطعام و المأكولات و أن يتذكروا الفقراء ، و في الأخير أنصح الأزواج بالصبر على عيوب أزواجهم لان الكمال لله وحده .
و في الختام أرجو أن أكون قد وفقت في إعطاء فكرة واضحة عن مراسيم الأعراس القسنطينية ، راجيا من الله تعالى أن يرزق المؤمنين بالزوجات الصالحات ، و يرزق المؤمنات بالأزواج الصالحين ، و يغنينا بحلاله عن حرامه و يغنينا بفضله عمن سواه و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على أاشرف المرسلين.
عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية
تتضمن الأعراس القسنطينية عادات و تقاليد متميزة جدا و ذات نكهة خاصة بمزيج من الأفراح النابعة عن الأصالة و ما يتطلبه الحاضر ، و يمكن أن تمر بالمراحل التالية :
1/ الطلب و القبول
إذا أعجب شاب بفتاة و رأى فيها ما يسره لقوله صلى الله عليه و سلم (تنكح المرأة لأربع ، لجمالها و مالها و حسبها و دينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) و كانت له نية الإرتباط بها على سنة الله و رسوله فعليه أن يسأل عنها فيما إذا كانت مخطوبة أم لا ، و عن إسمها ، فان لم تكن مخطوبة أخبر والديه برا بهما و إكبارا لهما عن نيته في الزواج ليبارك الله له زواجه ، ثم قصد أباها ، و ربما فوض الأمر لوالده ، و ربما ذهب برفقته و هو الأفضل حتى تكون نظرة أبيها أوضح عن الفرع و الأصل ، ليدخل والد الشاب في الموضوع مباشرة و يخبر والد الفتاة أنهما قصداه طلبا إبنته فلانة للزواج بابنه فلان الحاضر معهما ، عندئذ يسال والد الفتاة عن أخلاق الشاب و سيرته و فيما إذا كان يشتغل أم لا حرصا منه على مستقبل إبنته ، فإن كان الشاب متخلقا و يشتغل قبل والد الفتاة عملا بحديث النبي صلى الله عليه و سلم (إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد كبير) ، في حين تبقى الكلمة الأخيرة لصاحبة الشأن أي الفتاة ، لأنه في عقد الزواج لابد من توفر ركن جوهري ألا و هو الرضا ، لينفض المجلس المبارك و يذهب كل لشأنه ، و لدى رجوع والد الفتاة إلى البيت فاتح أهله (زوجته) بالموضوع و أخبرها بأن هناك شابا جاء رفقة أبيه طلبا البنت للزواج و أنه رأى منهما ما يجعله راضيا عن الزواج من الأدب و حسن الخلق و الاحترام ، لتخبر الزوجة إبنتها بالموضوع منتظرة ردها بعد التفكير، إذ على الأرجح أنها عرفت هذا الشاب طالما رآها و أعجب بها ، فان لم تكن قد عرفته فلا بأس أن يتم إعداد لقاء بينهما تحت حرمة أبيها ، و في كلا الحالتين إن قبلت أخبرت أمها فتخبر الأم زوجها ليرد الزوج على من قصداه ، و بعد الاستبشار برد الفتاة يسأل والد الشاب والد الفتاة عن الشرط فيخبره بذلك مراعيا في ذلك حديث النبي صلى الله عليه و سلم (أعظم الزواج بركة أيسرهم مهرا) ، مع العلم أن الشرط يضم المهر و شيء من الحلي للحناء و العشاء ، و بعد الاتفاق بشان الشرط يتم الاتفاق حول موعد الخطبة.
2/ الخطبة
تقوم أم الشاب بدعوة الأقارب المقربين (العمات و الخالات و زوجات الأعمام و الأخوال و .... ، و بعض الرجال من الأقارب كالأعمام و الأخوال و ....) مسبقا من أجل حضور مراسيم خطبة إبنها في اليوم المتفق عليه ، و بحلول ذلك اليوم تكون الأم قد حضرت وليمة الغذاء للمدعوين بمساعدة بناتها أو من طلبت الأم حضوره مسبقا من الأقارب المقربين ، و تضم وليمة الغذاء عرفا (المقبلات ، الغرايف ، الجاري ، طاجين الشواء و التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) أين يأتي الشاب مرتديا لباسا رسميا مرحبا بالحاضرين ، ثم يتناول وجبة الغذاء مع الرجال ، و لدى انتهاء الجميع من تناول الغذاء ينطلقون على بركة الله إلى بيت الفتاة و يتقدمهم الشاب و والداه حاملين معهم خاتم الخطوبة و باقة من الورد و قالب من الحلوى معد خصيصا للخطبة ، و النساء من خلفهم يزغردن و الأفراح تغمر الجميع ، و عند وصولهم يستقبلهم أهل الفتاة بكل رحابة و تقدير، و يجلسون في غرفة الاستقبال فرحين مسرورين مع الأقارب المقربين لأهل الفتاة ، فيجلس الرجال في غرفة معدة للرجال متأنقين يتجاذبون أطراف الحديث ، و النساء في غرفة معدة للنساء لابسات أحلى الفساتين الساترة و الحلي فمنهن من تتجاذب أطراف الحديث و منهن من أطربها الغناء ففضلت الرقص ، ثم تأتي الفتاة مع قريباتها مرتدية فستانا جميلا عفا واضعة خمارا على رأسها اعتزازا بدينها و شرفها ، فتجلس في المكان المعد لها ، ثم ينادى على الشاب الجالس مع الرجال ليجلس بالمكان المعد له بالقرب منها ، ثم يقوم بإلباسها الخاتم تحت وقع الزغاريد و الأفراح ، و بعد ذلك يقومان معا و بسكين واحدة بقطع الحلوى إلى نصفين ، فيأخذ كل واحد منهما من كل نصف قطعة بحجم ملعقة صغيرة و يطعمها للآخر تحت وابل من الزغاريد ، ثم يؤتى إليهما بكاسين من العصير ، فيشرب كل منهما الآخر جرعة منه و الزغاريد تكاد لا تنقطع ، فيجلس الجميع ليلتقطوا صورا تذكارية مع الخطيبين ، و يهنئوهما و يباركون لهما ، ثم يرجع الخاطب ليجلس مع الرجال ، فيشربوا القهوة جميعا في جو بهيج من الغناء و الفرح و غيرها من مظاهر البهجة و السرور ، و بعد شرب القهوة و التعارف أكثر تتفق أم الخاطب مع أم المخطوبة بشأن موعد الدخول من أجل التحضير للعرس ، و بعد ذلك يغادر الخاطب و أهله و أقاربه و معهم نصيب من قالب الحلوى ليحتفلون في بيتهم مع الأحباب بين غناء و رقص.
3/ تسليم المهر
خلال البضع أيام التالية للخطبة يتقدم والد الخاطب إلى والد المخطوبة بعلبة حلوى و مبلغ المهر المتفق عليه ، و هو ما يسمى بمقدم الصداق ، أي قبل الدخول ، و ذلك لتجهز الفتاة نفسها بشرائها حاجياتها و أمتعتها و ألبستها و مستلزماتها و مستلزمات بيت الزوجية من أثاث محدد عرفا.
4/ العيدين
ا/عيد الفطر
إذا كان ما بين موعد الخطبة و الدخول عيد الفطر المبارك فان العادات القسنطينية تملي على الخاطب أن يأتي في اليوم الثاني من العيد بعد الغذاء رفقة والديه و أخواته إلى بيت خطيبته حاملا إليها الهدايا و هي حلي (عقد أو قرطين أو خاتم) إذا أمكن ، صينية بقلاوة ، فستان ، فستان داخلي ، حذاء ، حقيبة ، قارورة عطر ، صابون عطر ، شمبو ، فيشربوا القهوة ، و يتجاذبوا أطراف الحديث ، ثم يغادروا و معهم نصيب من صينية البقلاوة و الحلويات التي أعدتها الفتاة بنفسها.
ب/ عيد الأضحى
و كذلك الحال بالنسبة لعيد الأضحى المبارك ، غير أنه بدلا من صينية بقلاوة يأخذ الخاطب فخذا من الخروف الذي ضحت به عائلته ، كما أنه قبل شرب القهوة يتناولوا الشواء في وجبة الغداء ، و بعد شرب القهوة و الحديث يغادروا.
5/ الجرية
هي عبارة عن هدية تقدم من طرف الخاطب لخطيبته ، و ينوب عنه في تقديمها أهله من النساء و قريباته لابسات القطيفة و الحلي في جو بهيج بالغناء و الرقص و غيرها من مظاهر الفرح و السعادة ، حيث تحضرها قريباتها لابسات القطيفة و الحلي ، كما أن الخطيبة أيضا تلبس القطيفة و تضع على رأسها الدراية و ما يتبعها من الحلي ، و تتضمن الجرية عرفا شموع ، حنة ، تبديلتين بجميع لوازمها من الرأس إلى الرجلين بحيث يكون ثوب أبيض و آخر وردي أو أزرق فاتح بالإضافة إلى لوازم الحمام من منشفات و حذاء و ... ، بالإضافة إلى صينية بقلاوة و صندوق من تمر الدقلة و المقشقشة هذا بالإضافة إلى الحلي (عقد ، سوار ، قرطين ، خاتم ، ... حسب المستطاع) ، أما مراسيم الجرية فتكون مثل مراسيم حناء العروس التي سنتطرق إليها لاحقا ، و تجدر الإشارة إلى أن الجرية ليس لها وقت محدد فقد تكون قبل العيدين ، و قد تكون بعدهما ، و قد تكون قبل العقود و الفاتحة ، و قد تكون بعدهما ، المهم تكون بعد الخطبة و قبل الحناء.
6/ العقود
قبل موعد الدخول بمدة محددة يذهب الخطيبان رفقة أهليهما و بعض من أقاربهما المقربين إلى مصلحة الحالة المدنية ، بحيث يكون الخطيب مرتديا لباسا رسميا و الخطيبة مرتدية ثوبا جميلا عفا فاتح اللون مع حقيبة و حذاء فاتحي اللون أيضا (ابيض أو باج المهم متناسقين) من أجل تسجيل الزواج في عقد رسمي ، و ذلك بحضور شاهدين على الزواج ، و بعد المناداة على الخطيبين و على الأبوين و الشاهدين و ما أن يشرع الخطيبان في التوقيع على الوثيقة المقدمة من مصلحة الحالة المدنية حتى تنطلق الزغاريد و البشرى بزوج جديد ، ثم يسلم أهل الزوج لأهل زوجته علبة من الحلوى و باقة من الورد ، و بعدها تلتقط صور تذكارية لهما مع الأهل و الأقارب بمناسبة العقود.
7/ الفاتحة
بعد الحصول على الدفتر العائلي يتفق الزوجان و أهليهما عن موعد الفاتحة ، حيث يأتي الزوج مرتديا لباسا رسميا رفقة أهله و أقرباؤه من الرجال ، و كذلك أهل الزوجة و أقرباؤها من الرجال إلى المسجد المزمع إجراء الفاتحة به ، فيتولى ممثل عن أهل الزوج و ممثل عن أهل الزوجة الإشراف على الحلوى و المشروبات التي جاء بها الزوج كباروك ، فتوضع في عتبة المسجد ، أما البقية فيدخلون المسجد لأداء صلاة تحية المسجد ، و من ثم الإنصات إلى الإمام الذي يتولى إلقاء مقدمة عن فضل الزواج و مقاصده ثم يقوم بقراءة الفاتحة و الدعاء للزوجين بالسعادة و الهناء بعد إيجاب و قبول من والديهما ، و بعدها يخرج الجميع لتناول الحلوى و شرب العصير ، و يأخذ الإمام حصته ، و ما بقي يقتسم بين أهل الزوج و أهل الزوجة ليحتفل كل في بيته مع الأحباب ، كما يقوم الأهل بالبيت بإعداد الغرايف لتتعالى أصوات الزغاريد لدى رجوع الرجال من المسجد.
8/ الشورة
إن المهر الذي تأخذه الفتاة عقب خطبتها تقوم بشراء حاجياتها و أمتعتها و ألبستها و مستلزماتها و ما يلزم بيت الزوجية كما سلف الذكر ، غير أنه في كثير من الأحيان ما يكون هذا المهر غير كاف ، الأمر الذي يجعل والد الخطيبة يتدخل فيزيدها المال تكملة لما ينقصها ، و إن كان أبوها لا يملك المال فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها فكل حسب مستطاعه ، إن هذه الحاجيات و الأمتعة و الألبسة و المستلزمات هي ما يسمى بالشورة ، و تضم عرفا مجموعة من الفساتين و الأثواب و الأثواب الداخلية و الأحذية و غيرها من الملبوسات ، بالإضافة إلى لوازم الزينة كالكحل و احمر الشفاه و العطور و الصابون و غيرها ، بالإضافة إلى مستلزمات بيت الزوجية كالمضربة و مطرحين و ست وسادات و الأغطية و الافرشة و الستائر و الأواني النحاسية ، بالإضافة إلى الحلي حسب مستطاعها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، حيث يفترض أن تكون الزوجة قد أنهت التسوق قبل موعد الدخول ، ليأتي أهل الزوج قبل الدخول ببضعة أيام من أجل نقل هذه الشورة من بيت والد الزوجة إلى بيت الزوجية ، و يساعدهم في ذلك أهل الزوجة تحت الزغاريد و الأفراح ، و عند الإنتهاء من وضع الشورة في الشاحنة يقوم أهل الزوجة بدعوة أهل الزوج لشرب القهوة ، فيشربوا القهوة ، و بعد ذلك و لدى الانتقال إلى بيت الزوجية يأتي والد الزوجة و بعض أهلها و أقاربها من الرجال كالأخ و العم و الخال للمساعدة في نقل الشورة إلى مكانها ، كما تأتي بعض النساء من أهلها و أقاربها كالأخت و العمة و الخالة ليتولين تنظيم و توضيب الشورة في مكانها المحدد ، و عند وصولهم تخرج النساء من أهل الزوج كالأم و العمة و الخالة لاستقبالهم ، و بعد وضع الشورة في مكانها و تنظيمها و توضيبها تحت الزغاريد و الأفراح يشرب الجميع القهوة ، الرجال مع الرجال و النساء مع النساء ، ثم يغادر أهل الزوجة و أقاربها بعد أن يتفقوا عن يوم استلام العشاء.
9/ العشاء
يأتي بعض أهل الزوج من الرجال في اليوم المتفق عليه و معهم نعجة تملأ العين و كيس من الطحين و السمن ، و يقوموا بتسليمها لأهل الزوجة ، ليقوم هؤلاء بدعوتهم لشرب القهوة فيشربوا القهوة ثم يغادروا ، ليشرع بعد ذلك أهل الزوجة في ذبح النعجة و إعداد وليمة العشاء للأحباب المدعوين من أهل الزوجة الذين يأتون فرحين مباركين حاملين معهم الهدايا و أحلى الأماني و أعذب التهاني ، و يضم العشاء عرفا (المقبلات ، الجاري ، طاجين لحلو ، الشخشوخة القسنطينية ، و طاجين الشواء ، أما التحلية فتضم عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) ، فيسهر الجميع فرحين مسرورين بين غناء و رقص حتى ساعة متأخرة من الليل ، و عند الصباح نكون أمام يوم الحناء.
10/ الحناء
ا/حناء العروس
يوم الحناء هو اليوم الذي يسبق يوم العرس ، حيث تقوم أم العريس بدعوة الأقارب المقربين قبل العرس ببضعة أيام من أجل المساعدة في صنع الحلويات و غير ذلك من التحضيرات ، و بحلول يوم الحناء يذهب والدا العريس مع بضع من النساء اللائي جئن للمساعدة لابسات القطيفة و الحلي ، حاملين صينية بقلاوة أو سلة مملوءة بالمقشقشة و شمعيين و صينية معدة للحناء و الحناء و مرش و كروانة نحاسية صغيرة و معهم حقيبة بها ما اتفقا عليه مسبقا من الحلي (سوار أو عقد أو قرطين ...حسب المستطاع) متجهين إلى بيت العروس ، أين يتم استقبالهم بكل رحابة و تقدير ، فتدخل النساء إلى غرفة الاستقبال حيث تجلس المدعوات من قريبات العروس لابسات القطيفة و الزغاريد تملئ الغرفة ، و أجواء الفرحة و السرور تعم أرجاء البيت العامر الحافل بالغناء و الرقص ، و بعدما يجلس الجميع تأتي العروس و كأنها إحدى الحور الحسان في فراديس الجنان ، لابسة القطيفة في أبها طلعتها مرصعة بمختلف الحلي ، و حولها قريباتها حاملات شموع طويلة مضاءة ، فتجلس العروس في المكان المعد لها و تجلس بالقرب منها أمها أو عمتها أو خالتها و من تحني لها (أم العريس أو من تختارها لذلك عمته أو خالته أو ...) ، فتقوم هذه الأخيرة بتحضير الحنة فتبللها و تحضرها جيدا بالحليب المحلى بقطعتين من السكر و ترشها بقليل من ماء الزهر و تضيف إليها القليل من حلوة الدراجي أو التمر ، لتقوم بعد ذلك بوضع الحناء في يد العروس اليمنى على شكل قرص صغير ثم تغطيها بالقماش المخصص لذلك ثم بقفاز الحناء ، و كذلك الشأن بالنسبة لليد اليسرى و كل ذلك تحت وقع هائل من الزغاريد و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم قائلات :
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة جابوها الرجال
تحني بيها بنتنا صبيعات الغزال
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة جابوها العربان
تحني بيها بنتنا صبيعات المرجان
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة في صحن ذهبي
تحني بيها بنتنا في حمى ربي
و بعد الإنتهاء من وضع الحناء تعطي أم العريس الهدية الذهبية المتفق عليها من قبل (عقد أو سوار أو قرطين أو خاتم أو ...) ، كما أن قريبات العريس يقمن بإعطاء العروس أوراق مالية ، و كذلك الشأن بالنسبة لقريبات العروس ، و هو ما يسمى عرفا بالرشق ، هذا دون أن ننسى أن أم العروس أيضا تهدي إبنتها عقب حنائها شيئا من الحلي حسب مستطاعها إكراما لابنتها ، فان لم تكن تملك فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، و بعد ذلك توضع القهوة للمدعوين مرفقة بمرشات الورد أو الزهر مع أصناف مختلفة من الحلويات مثل البقلاوة أو القطايف و المقرود و الغريبية و ... ، و بعد الإنتهاء من شرب القهوة يغادر من جاءوا للحناء و معهم غداء أو عشاء العروس ، يسلمه لهم أهل العروس من أجل إعداده من طرف أهل العريس كوليمة ليوم الزفاف (في الغد) ، و يضم الدجاج و اللحم المفروم و الخبز.
ب/حناء العريس
و طبقا لعادات و تقاليد الأعراس القسنطينية فإن الزوج أيضا معني بالحناء ، حيث بعد رجوع والدي العريس و الأقارب من بيت العروس مساءا يكون الأقارب المدعوون من أجل المساعدة على وشك الانتهاء من إعداد وليمة العشاء ، كما يكون المدعوون لحضور حناء العريس قد وصلوا فرحين مستبشرين و مباركين ، فيجلس الرجال مع بعضهم يتجاذبون أطراف الحديث ، و النساء مشغولات بالرقص و الغناء و الفرح ، إلى أن يحين وقت العشاء ، و بعد الإنتهاء من تناول العشاء الذي يضم عرفا (المقبلات ، الجاري ، الشخشوخة القسنطينية ، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) يأتي العريس مرتديا لباسا رسميا رفقة أصدقائه و أقاربه ، فيجلس في المكان المعد له ، لتقوم أمه أو من تختارها من الأقارب لذلك بوضع الحناء على رأس سبابته اليمنى تحت وابل من الزغاريد و الأفراح ، فيتلقى أحلى التهاني و أخلص الأمنيات و الدعاء بالخير و البركات من الأحباب ، و يقوموا بإعطائه الرشق ، و يلتقط الجميع صور تذكارية معه ، ثم يخلد هو للنوم في غرفته ليأخذ قسطا من الراحة إستعدادا لليوم الموالي و هو يوم سعده ، في حين يسهر الأهل و الأقارب و الأحباب فرحين مسرورين بين غناء و رقص حتى ساعة متأخرة من الليل ، و كذلك الحال في بيت العروس ، حيث تكون ليلة متميزة بمختلف مظاهر البهجة و الأفراح ، لأنها آخر ليلة تقضيها في بيت أبيها بصفتها بنتا مدللة.
11/ العرس
اليوم الموالي ليوم الحناء هو يوم العرس أي يوم الدخول ، حيث يعد أهل الزوج وليمة غذاء أو عشاء ، و لنفترض انه غذاء و الذي يضم عادة (المقبلات ، جاري ، طاجين الشواء ، رشته أو نعمة أو الرفيس و اللبن ، شباح الصفرة أو طاجين العين ، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) كل حسب رغبته ، بالإضافة إلى القهوة و التي تضم القهوة و المشروبات و مختلف أنواع الحلويات و التي من بينها (المقرود ، البقلاوة ، الغريبية و...) ، يتوافد الأقارب و الأحباب الذين تم دعوتهم مسبقا ليحضروا أنفسهم فرحين مباركين حاملين معهم الهدايا و أحلى الأماني و أعذب التهاني ، فتجلس النساء مع النساء يصفقن و يغنين و يرقصن فرحا و سرورا مع أهل العريس ، و الرجال مع الرجال متأنقين يتحدثون و يمرحون ، و بعد الانتهاء من تجهيز ركب السيارات تتقدمهم سيارة العروسين المرصعة بالورود و الأزهار التي يركبها العريس ، بينما يركب في السيارات الأخرى بضع نساء من أهله و أقاربه لابسات القطيفة و الحلي ، فينطلقوا على بركة الله متجهين إلى بيت العروس من أجل إحضارها إلى بيتها الجديد ، بعدما تكون قد ذهبت عند الحلاقة و حضرت نفسها و ارتدت ثوب الزفاف الأبيض المحتشم ، فيصلون إلى بيتها ، فينزل العريس و من معه من النساء ليمكثوا هناك قليلا و يلتقطوا صورا تذكارية للعروسين تحت الزغاريد و البشائر و الأفراح ثم يخرجان و هي ممسكة به ، و تحمل بنت من أهله و بنت من أهلها ذيل ثوب العروس و في يد كل منهما شمعا مضاء تحت الزغاريد و الأفراح ، فيركب العروسان في السيارة المعدة لهما ، كما يركب أبوها بجانب السائق ، و يركب الأقارب و الأحباب جميعا من أهله و من أهلها في السيارات الأخرى ، و يرجع الركب في فرح و سرور ، فالسيارات بأضوائها الغمازة و أحلى رناتها و الأغاني تطرب من بداخلها و الكل يصفق و يغني فرحا مع العروسين إلى غاية وصولهم إلى بيت العريس ، فينزل أهل العروس و أقرباؤها حاملين معهم صينية بقلاوة و يحضون باستقبال بهيج ، كما ينزل العريس من السيارة و يفتح الباب جهة العروس لتنزل و تمسك به تحت دوي البارود و الزغاريد و الأفراح ، و عند دخولهما تخرج أم العريس و قريباته لاستقبال العروسين بأحلى الأغاني و الأماني و رميا بأوراق الورد و الزينة ، ثم يوصل العريس عروسه و خلفها البنتين و الشمعيان مضاءان إلى حيث تجلس النساء في مكان معد لهما بغرفة الاستقبال ، حيث يتم التقاط الصور لهما ، و يتلقيا أحلى الأماني و أعذب التهاني ، بعد ذلك يتناول الجميع وليمة الغذاء ، فان انتهوا عادوا إلى الرقص و الغناء و التصفيق و الزغاريد إلى أن يحين موعد القهوة ، فيشربوا القهوة جميعا ، بعد ذلك يجهز العروسان نفسيهما للذهاب في رحلة (شهر العسل) ، حيث تدوم هذه الرحلة مدة أسبوع كامل ، و بعد مغادرة العروسين يبدأ الجميع بالمغادرة بعد الرشق لام العريس (لمن لم يقدم هدية و لم يرشق في الحناء) بعد الدعاء بالخير و البركة.
12/ شهر العسل
تعتبر رحلة شهر العسل بمثابة فرصة لأخذ قسط من الراحة بعيدا عن أتعاب العرس ، كما تعتبر فرصة للتعارف أكثر و التناغم و الإنسجام ، حيث يذهب العروسان للإقامة بأحد الفنادق الفخمة في مدينة سياحية آمنة ، فتكون فرصة لهما لزيارة المناطق السياحية و المناظر الجميلة و الأماكن الخلابة و التقاط صور تذكارية بها ، كما تكون فرصة للذهاب إلى المطاعم الفاخرة و التسوق و شراء بعض الهدايا التذكارية للأهل و الأحباب ، هذا دون أن ننسى ما أحله الله لهما في غرفة النوم و غيرها من الأجواء الرومانسية في حالة طهر العروس.
13/ السابع
قبل عودة العروسين من رحلتهما تقوم أم العريس بدعوة الأقارب المقربين و أهل العروس للحضور يوم عودتهما ، كما تدعو أيضا من الأقارب المقربين من يحضر قبل عودة العروسين بيوم من أجل المساعدة في تحضير بعض الأطباق لتقديمها كوليمة غذاء للمدعوين ، و هذه الأطباق محددة وفقا لعادات و تقاليد الأعراس القسنطينية و التي تضم (المقبلات ، الغرايف ، الشرشم ، الجاري ، الرفيس و اللبن ، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب أو ...) ، يدخل العروسان تحت الزغاريد و الأفراح ، ليتلقيا أحلى تهاني و أماني الأقارب و الأحباب ، ثم يرتاحا قليلا في غرفة الاستقبال ، و يتناولوا جميعا وجبة الغذاء النساء مع النساء و الرجال مع الرجال ، ثم يشربوا القهوة ، ثم يغادر الضيوف ، و عندئذ تصبح العروس فردا من أفراد عائلة زوجها ، و كل يوم تطلع عليهم بواحد من فساتينها السبع التي اشترتها ضمن شورتها ، بحيث تختلف هذه الفساتين عن بعضها لونا و تطريزا (أبيض ،وردي ،تبني ،فضي ،فريكي ،طرطري ،بطاطي أو ...) و ذلك مدة سبع أيام وفقا لما تقتضيه عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية.
14/ العيدين
ا/ عيد الفطر
يأتي أهل الزوجة في اليوم الثاني من أول عيد فطر مبارك يمر على ابنتهم في بيت الزوجية بعد الغذاء حاملين إليها أصنافا من الحلويات و الهدايا إكراما لها ، و تضم الهدايا عرفا حلي (عقد ، قرطين ، خاتم) إذا أمكن ، فستان ، فستان داخلي ، حقيبة ، حذاء ، عطر ، صابون ، فيشربوا القهوة و يتجاذبوا أطراف الحديث ثم يغادروا.
ب/ عيد الأضحى
و كذلك الحال بالنسبة لعيد الأضحى المبارك ، غير أنه بدلا من الحلويات يأخذ أهل الزوجة فخذا من الخروف الذي ضحوا به ، كما أنه قبل شرب القهوة يتناولوا الشواء في وجبة الغداء ، و بعد شرب القهوة و تجاذب أطراف الحديث يغادروا.
15/ الاستضافة
يقوم الأقارب من أهل العروسين العمة ، الخالة ، زوجة العم ، زوجة الخال ، بإعداد وليمة غذاء أو عشاء و استضافة العروسين بصفتهما زوجا جديدا (بحضور أهل العريس) إكراما لهما ، كما تعتبر فرصة لتعارف الزوج بأقارب زوجته و تعارف الزوجة بأقارب زوجها من أجل تقوية الروابط الأسرية ، و بعد التعارف و تناول الغذاء أو العشاء و تجاذب أطراف الحديث و عند مغادرة الضيفين يقدم لهما المستضيفون هدايا فخرية كالعطر و الصابون و ...
ملاحظات هامة
1/ لقد تحدثنا عن العرس في حالة ما إذا فضل العروسان الذهاب في رحلة (شهر العسل) ، أما إذا فضلا البقاء فالأفضل تحضير وليمة عشاء بدلا من وليمة الغذاء من أجل السهرة ، مع العلم أن بعض الأطباق تختلف من الغذاء إلى العشاء و خاصة منها ما يثقل المعدة مثل الرفيس و اللبن ، و في هذه الحالة فان مراسيم العرس تتغير قليلا و لكن بدءا من حناء العريس فقط ، حيث أنه في حالة عدم الذهاب في رحلة فان العريس لا يحني إلا بعد حضور العروس ، حيث يتم إحضارها وفقا للمراسيم السابقة و يستقبلونها كما تقدم ، ثم يشربوا القهوة و بعد مختلف مظاهر الفرح و السرور يحين موعد العشاء ، فيتناول الجميع وليمة العشاء و في السهرة ينادى على العريس للحناء ، فيحني كما أشرنا سابقا ، ثم يخرج مع أصحابه و أقاربه في ركب السيارات يتجولون فرحين في مختلف أرجاء مدينة قسنطينة ، بينما السهرة مستمرة في بيته على وقع الغناء القسنطيني و الرقص و التصفيق و الزغاريد ، في حين تذهب العروس بثوب الزفاف الأبيض رفقة أمها إلى غرفة النوم من أجل الدعم النفسي ، و لدى عودة العريس إلى البيت يسهر معهم في ذلك الجو البهيج و من ثم يذهب رفقة واحد من أقاربه ليوصله إلى باب غرفة النوم ، (ربما من أجل الدعم النفسي أيضا إن كان العريس خجولا) ، فيدخل العريس على بركة الله و يغلق الباب ، ثم يجلس بالقرب من عروسه و يرفع عن وجهها وشاح ثوب الزفاف ، ثم يقوما بما أحله الله لهما في حالة طهر العروس ، بينما تبقى السهرة مستمرة حتى ساعة متأخرة من الليل ، و في الصباح يستيقظ الأهل و الأقارب و الأحباب فيغسلوا و يتناولوا الفطور ثم يغادر الضيوف ، و تصبح العروس فردا من أفراد العائلة كما سلف الذكر و تطلع كل يوم بواحد من فساتينها السبع ، و بعد ذلك يقام السابع كما أشرت سابقا ثم العيدين ثم الاستضافة.
2/ عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية هي عبارة عن عرف مرن يمكن مخالفته حسب ظروف و إمكانيات القسنطينيين ، فمنهم من يفضل خطبة بسيطة فيذهب هو و والداه فقط ، و منهم من يفضل إجراء الفاتحة في البيت ، و منهم من يفضل إجراءها قبل العقود ، و منهم من يفضل عدم أخذ العيدين بالإتفاق مع أهل الخطيبة ، و منهم من يفضل أخذ العيدين في اليوم الثالث ، و منهم من يفضل عدم تكليف الخطيبة و أهلها عناء التسوق فلا يكترث بالشورة ، و منهم من يفضل الإستغناء عن الجرية كونها مكلفة بالإضافة إلى الحناء و العرس ، و منهم من يفضل عدم الذهاب في رحلة شهر العسل ، و منهم من يفضل تقديم وليمة غذاء بدلا من وليمة عشاء ، و منهم من يستغني عن السابع ، و هكذا ، المهم أن يكون هناك اتفاق و تراض بين الطرفين.
3/ أنصح بعدم المغالاة في المهور، لان في ذلك مشقة على الشباب و يزيد من نسبة العزوبية ، كما أنصح أولياء الشابات بجمع المعلومات الكافية عن طالبي الزواج و أن يجعلوا الدين و الأخلاق في المقام الأول ، كما أنصح من يتبع العادات و التقاليد السالف ذكرها بالعمل حسب مقدوره فمن لم يجد أن يقدم إلا خمارا أو منديلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لأنه إن كان ذلك الخمار أو المنديل أقصى ما يستطيع تقديمه فان ذلك يعني الكثير ، كما أنصح أصحاب الأعراس بعدم تبذير الطعام و المأكولات و أن يتذكروا الفقراء ، و في الأخير أنصح الأزواج بالصبر على عيوب أزواجهم لان الكمال لله وحده .
و في الختام أرجو أن أكون قد وفقت في إعطاء فكرة واضحة عن مراسيم الأعراس القسنطينية ، راجيا من الله تعالى أن يرزق المؤمنين بالزوجات الصالحات ، و يرزق المؤمنات بالأزواج الصالحين ، و يغنينا بحلاله عن حرامه و يغنينا بفضله عمن سواه و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على أاشرف المرسلين.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى